لقاء اليجا محمد في ديترويت
ومع عام 1961 اصبح الكابتن سام ساكسون (عبد الرحمن) اكثر التصاقا بكلاي. فبدأ يسافر معه في رحلات مختلفة خارج مدينة ميامي. ومع بداية عام 1962 بدأ شاباز يقدم طعاما اسلاميا للملاكم كلاي لضمان تناوله وجباته الغذائية وفقا للنظام الغذائي لجماعة أمة الاسلام. وفي العام نفسه سافر كلاي من ميامي الى ديترويت لسماع خطبة اليجا محمد التي سيلقيها امام حشد كبير من الناس في مدينة ديترويت لأول مرة. كما ان الرحلة اخذت أهمية اضافية، اذ ان كلاي في ديترويت التقى بمالكوم اكس لاول مرة.
الجـزء 15
1999/12/24
كلاي كان بداية الخلاف بين اليجا محمد ومالكوم اكس
كاسيوس: كان مالكوم رجلا عاقلا وشخصا ذكيا مرحا يسحرني بأحاديثه المشوقة
لم تكن الرحلة الايمانية التي قادت كاسيوس كلاي الى اعتناق الاسلام سهلة ميسرة بل على العكس من ذلك، واجه كلاي في هذه الرحلة الايمانية الكثير من التحديات الصعاب. ولكن كانت هناك ارادة قوية وعزم اكيد منه على مواصلة هذه الرحلة وصولا الى هدفها المنشود باعتناقه للاسلام.
وكان كلاي يدرك ادراكا تاما انه اذا اعلن انضمامه الى جماعة امة الاسلام سيقضي على حلمه بالحصول على لقب بطولة العالم للملاكمة في الوزن الثقيل نتيجة حرمانه من اداء مباراة البطولة، ومن ثم حرمانه من الملاكمة نهائيا، لانه يعلم مدى كراهية البيض لاليجا محمد زعيم جماعة امة الاسلام آنذاك. اذ ان الكراهية كانت متبادلة بين البيض واليجا محمد وجماعته. فما كان من جماعة امة الاسلام الا ان تنصح كلاي بالتزام فقه التقية في الوقت الراهن، وذلك بعدم الاعلان عن انضمامه اليها. كما شرح له قادة الجماعة بان الايمان مسألة شخصية وخاصة للغاية لا تحتاج الى اعلان رسمي لتأكيدها. ولكنهم كانوا احرص منه على الاعلان عن انضمامه اليهم في الوقت المناسب.
ويقول كاسيوس كلاي ان لقائي بمالكوم اكس في مدينة ويترويت في عام 1962 لاول مرة كان بمثابة نقطة تحول في حياتي. وكان لقاء كلاي بمالكوم اكس يمثل محطة مهمة من محطات الرحلة الايمانية لكلاي، بل ان هذا اللقاء قضى على تردده في الانضمام الى جماعة امة الاسلام. وتأتي اهمية هذا اللقاء انه عجل بقرار انضمامه لجماعة امة الاسلام.
تقول بيتي شاباز ارملة مالكوم اكس: ان اول معرفة لي بمحمد علي كانت عن طريق زوجي مالكوم اكس، اذ انه كان كثير الحديث عن محمد علي، اذ انه اخبرني بان هناك ملاكما شابا حضر العديد من اجتماعاتنا في اجزاء متفرقة من البلاد. والشيء الآخر الذي حدثني عنه زوجي انه اعتنق الاسلام، وكنا جميعا فرحين بذلك. وقبل مالكوم اكس انضمام كاسيوس الى جماعة امة الاسلام واحبه حبا شديدا واعتبره شقيقه الاصغر. وكان مالكوم اكس يشعر بان واجبه هو ان يجعل هذا الشاب يثقف في نفسه وقدراته ويقف على رجليه. ولم يكن يرغب في ان يستغل الاخرون مهارات هذا الشاب. وكان يشعر انه يمكن لهذا الشاب ان يفعل الكثير والكثير اذا ما احسنت رعايته.
واضافت بيتي شاباز: ان زوجي كان يشعر ان احاديثه معه يجب الا تحدث له تعارضا مع دوره كملاكم. وان كاسيوس كلاي يجب الا يعلن حقيقة انضمامه الى جماعة امة الاسلام. وكان يشعر بان امر دينه الجديد يجب ان يظل امراً شخصياً وخاصاً الى اطول فترة يختارها، وهذا قد يساعده في كسب قوة ارادة.
تغييرات اجتماعية وسياسية
وقالت عطاء الله شاباز ابنة مالكوم اكس: لا اعتقد ان أمة الاسلام منظمة دينية اطلاقا. عندما انضم كاسيوس كلاي، هذا كان اسمه في ذلك الوقت الى أمة الاسلام مر بتغييرات اجتماعية وسياسية. ولما كان كلاي بطبعه رجلا روحانيا وكان دائما على علاقته مع الله، اراد ان ينتمي الى منظمة توازن زنجيته وطموحه في المستقبل كانت هناك أمة الاسلام جاهزة له. وكانت في بعض الامور قوة ايجابية. قدمت للشباب السود رجالاً ونساءً الذين كانوا ضحايا الظروف، فرصة للحركة الى الامام وفرصة ليثقوا في انفسهم وفي قدراتهم. ولكنها حطمت بعض الاشياء ودمرتها في سبيل البناء وهذا اسلوب لا اجده صحيحاً.
واضافت عطاء الله شاباز: كانت علاقة والدي مع كاسيوس كلاي لم تكن علاقة تجنيد شخص لـأمة الاسلام. فعلاقة التجنيد تبدأ دائما بلقاء يطلب فيه من ذلك الشخص الانضمام الى أمة الاسلام بالقول لماذا لا تنضم معي في هذه المنظمة لتستطيع ان يكون لك اتجاه معين في هذه الحياة ومجموعة مساعدين للعائلة. ولكنها كانت علاقة صداقة اكثر منها علاقة تجنيد لمنظمة. وكان والدي الأخ الاكبر الممتاز للكثيرين.
وعندما التقى بكاسيوس رأى فيه القوة والعظمة واراد ان يقدم له دافعاً قوياً للمستقبل. واحب والدي كاسيوس كشقيقه، لكن عندما ينضم شخص الى أمة الاسلام يصبح جزءا من أمة الاسلام. كما يصبح الولاء والاخلاص للمنظمة قبل ان يكون لشخص ماعدا عند البعض بالنسبة لاليجا محمد.
أحاديث ساحرة
وقال محمد علي: كان مالكوم ذكيا مع روح مرحة. وكان رجلا عاقلا. وعندما كان يتحدث يسحرني لساعات بحديثه الشيق. وانه قدمني الى زوجته واطفاله. ثم ارسل لي صديقه ارشي روبنسون ليعمل معنا كمدير اداري. وبدأ آرشي ينظر في عقودي ويساعد في ادارة معسكر التدريب. لكن اي شيء له علاقة بالملاكمة كاختيار شركاء التدريبات ما يزال القرار يتم عن طريقي او عن طريق مدربي انجلو دندي.
توقعات مالكوم اكس لكلاي
وقال عثمان كريم الذي كان اسمه قبل اعتناق الاسلام والانضمام الى جماعة أمة الاسلام ارشي روبنسون، كنت مع مالكوم في مطعم نتجاذب اطراف الحديث، عندما وصلت سيارة حمراء كبيرة، خرج منها شاب، التفت حوله مجموعة من الناس، وسألت نفسي ماذا يجري هنا؟ فما كان هذا الشاب سوى كاسيوس كلاي يدخل في المطعم. وقال مالكوم اريد ان اقدمك. واعتقد انه يجب ان تلتقيه. فما كان عليّ سوى ان اتجهت اليه وصافحته وغادرت المطعم. وبدأ مالكوم وكاسيوس يتحدثان بينما انا غادرت الى المنزل. وفي اليوم التالي اخبرني مالكوم ان هذا الشاب يحتاج الى بعض المساعدات وربما عليك ان تساعده. فقلت له مازحا انني لا العب مع هواة. واردفت قائلا: انا لا اعرف شيئا عن الملاكمة عدا انني اكرهها. فنظر الي مالكوم نظرة غاضبة. فعلمت منها انه لا يسألني ان اساعد كاسيوس بل يخبرني ان افعل ذلك. وقال: ان المسألة ليست عن الملاكمة، هذا الصبي سيصبح في يوم من الايام بطل العالم للملاكمة في الوزن الثقيل، وانه سينضم الى أمة الاسلام. هل تفهم ماذا يعني ذلك؟ فقلت: نعم. وبدأت اتحدث مع كاسيوس، وكان الحديث معه كالحديث مع شخص غريب.
واضاف كريم: ان مالكوم اخبر كلاي بانني اخ يجدني بجانبه متى ما حتاج الى النصيحة. وبعد يوم او يومين كان لنا اجتماع مع جوجلازر. واعتقد انه لهذا ارادني مالكوم ان اكون مرتبطا بكلاي. اذ انه يريدني ان اذهب مع كاسيوس الى ذلك الاجتماع. وكان جو جلازر رئيس اتحاد الحجوزات، لم يكن وكيلا موهوبا بالنسبة للفنانين والرياضيين السود فقط رغم انه يهودي بل انه كان اكبر وكيل او متعهد للحفلات والمباريات في ذلك الوقت. وعندما تتحدث عن السود في الفن ومجال الترفيه عن امثال ديوك الينجتون وسارة فوجهان وغيرهما، فانك تتحدث عن جو جلازر وشركات الاسطوانات. فأنا اعرفه لانني كنت مديرا لاحدى الفرق الفنية وكان هو متعهد حفلاتها. واستطيع ان اقول ان جو رجل عند كلمته. وحصل على احترام مجتمع السود. لقد ذهبت الى الاجتماع ووجدت ان الاشياء تتحرك تجاه مصلحة جو جلازر ليكون له السيطرة على كاسيوس كلاي. وكان هناك اربعة اشخاص في الاجتماع جو جلازر وزوجته مارفا وكاسيوس وانا، فلم اضيع الوقت، فنظرت الى جو وقلت هذا الصبي واحد من الذين لا يمكن ان تأخذهم.
وبعد ذلك بدأ يقترب موعد مباراة كاسيوس مع سوني ليستون وبدأ ظهور مالكوم اكس ملحوظا في معسكر كلاي.
الرهان على المستحيل
وقالت بيتي شاباز: ان اليجا محمد اخبر زوجي مالكوم اكس انه لا يجب عليه ان يضع نفسه قريبا جدا من كاسيوس كلاي، لانه في مباراته المقبلة مع ليستون من المرجح ان يخسر، واي شخص شاهد ليستون يمكن ان يقول ان ليستون سيسود وان المباراة كلها ستكون مخيبة لآمال أمة الاسلام. وكانت الامور في ذلك الوقت ليست جيدة بين زوجي واليجا محمد. واضافت: ان مالكوم قال انه يرغب في الذهاب الى فلوريدا لا لكي يمثل احدا بل ليقدم تشجيعه الشخصي لكاسيوس كلاي كشخص عادي. وقال اليجا محمد لزوجي نعم انك اذا ذهبت سيكون ذهابك كشخص عادي. ولن تكون بأي حال من الاحوال ممثلا لنا، لانه من المستحيل لكاسيوس كلاي ان ينتصر على سوني ليستون في هذه المباراة بفلوريدا.
وقال عبد الرحمن: وعندما حان وقت المباراة بين كاسيوس كلاي وسوني ليستون، جاء مالكوم وسأل اذا كان من الممكن ان يذهب الى الملعب. فقلت له انت تعلم ان كل الاشخاص يعرفون من انت، وانه من الاحسن الا تذهب، لانه غير مقبول في تلك الايام. ولكن مالكوم لم يسمع لنصيحتي، فذهب الى الملعب، في محاولة الى جذب انتباه الاعلام له. وهدد منظمو المباراة بالغائها. وكاسيوس لن يشارك في المباراة اذا شجب المنظمون أمة الاسلام. وكان مستعدا للانصراف. ولكني قلت له اخي لا تقلق. لن يستطيعوا الغاء هذه المباراة، لانهم يريدون الاموال التي يحصلونها من تنظيمها. وقلت له المال اله الرجل الابيض.
الجـزء 16
1999/12/25
كلاي يشهر إسلامه بعد انتصاره على ليستون للملأ
محمد علي: تغيير اسمي كان من أهم الأشياء في حياتي وخلصني من هوية أعطيت لأسرتي من قبل أسيادها
نختتم اليوم الحديث عن الرحلة الايمانية التي قادت كاسيوس كلاي في نهاية المطاف الى اعتناق الاسلام، والتي بدأها بانضمامه الى جماعة أمة الاسلام. فالتزم في بادئ امره فقه التقية، حتى لا يتربص به البيض الدوائر ويحولون دون تحقيق حلمه في الحصول على لقب بطل العالم للملاكمة في الوزن الثقيل. وقد كان مالكوم اكس مشجعا له، بل اصبح بمثابة شقيقه الاكبر الذي لا يتوانى في رعايته ولا يبخل عليه بنصحه وارشاده ومساعدته. ولما كان مالكوم اكس يمثل نقطة التحول في مسيرته الايمانية، فقد كانت مباراته مع سوني ليستون تمثل محطة مهمة من محطات مساره الرياضي في الملاكمة. كما انها كانت مستصغر الشرر في الخلاف بين اليجا محمد ومالكوم اكس. فالاول كان يرى ان كاسيوس كلاي سيخسر هذه المباراة مع ليستون، وانها ستكون خيبة امل بنسبة لجماعة أمة الاسلام، بينما كان يرى الثاني ان كاسيوس سينتصر على ليستون وسيكون نصره المرتقب هذا من عوامل قوة امة الاسلام. لذا لم يبال مالكوم بتحذيرات زعيمه اليجا محمد فغامر بالذهاب الى فلوريدا ليكون بالقرب من كاسيوس في تلك المباراة المصيرية.
يقول محمد علي: ان تغيير اسمي من كاسيوس كلاي الى محمد علي كان احد اهم الاشياء التي حدثت لي في حياتي. فقد خلصني تغيير اسمي من الهوية التي اعطيت لأسرتي من قبل اسياد العبيد.
تقول بيتي شاباز ارملة مالكوم اكس: ان كاسيوس كان يسيطر عليه الخوف والهيستريا من مباراته مع سوني ليستون. وكان زوجي يقدم له النصائح والارشادات بانتظام، مشيرا الى حقيقة انه ليس اصغر من ليستون وأقوى وأمهر منه فقط، بل هو رجل يؤمن بالله. وكانا يتحدثان باستمرار حول اهمية الثقة بالنفس والتوكل على الله والايمان بأن الله لن يهزم انصاره مهما كانت قوة الخصم. وبالفعل انتهت المباراة بهزيمة كلاي لليستون. ومن ثم كل الذين قالوا لزوجي ابعد عنه انه لن يستطيع ان يهزم ليستون، وأنه سيجلب الخزي لـأمة الاسلام، كأنهم لم يقولوا شيئا. وفجأة بدأوا يتقربون من البطل الجديد. وكان زوجي سعيدا جدا بالانجاز الذي حققه كاسيوس.
إشهار كلاي إسلامه
بعد يومين من هزيمة كلاي لليستون خطب اليجا محمد في حوالي خمسة آلاف من اتباعه في المؤتمر السنوي لـأمة الاسلام في شيكاغو، حيث قال لهم: انني سعيد للغاية ان كاسيوس كلاي كان شجاعا عندما قال انه مسلم. وأخبر اليجا محمد الحشد المبتهج انه سعيد بأن كاسيوس اعترف بأنه مؤمن. وان كلاي مر خلال جولات المباراة بظروف عصيبة ولكنه لم يخاف لانه آمن بالله ربا وبمحمد رسولا. وبعد اربعة ايام من تلك المباراة سافر كلاي الى نيويورك، حيث حل بفندق ثيرسا في هارلم، حيث كان لمالكوم اكس مكتب في ذلك الفندق. والتقى الرجلان في لقاء خاص لمدة ساعة قبل ذهابهما الى سينما ترانس ـ لكس، حيث كانت تعرض مباراة كلاي ـ ليستون هناك. ومن ثم تجولا في مقر منظمة الامم المتحدة، حيث التقطت لهما صور مع العديد من المندوبين الافريقيين. وكان شاهدا على كل هذا الكس هيلي الذي كان يعمل مع مالكوم اكس في كتابة سيرته الذاتية وبعدها ألف كتابه الشهير الجذور.
الخطة الذكية
وقال الكس هيلي: كان ذلك لأول مرة اطول وقت امضيه مع محمد علي. وكنت قد ذهبت الى فندق ثيرسا لاجراء حوار معه لاحدى المجلات الاميركية. وقد سمح لي بدخول حجرته مع عدد كبير من الناس الذين كانوا يدخلون ويخرجون. وكان محمد علي مستلقيا على سريره كملك في مملكته، وهذه هي الطريقة التي تكون مع معظم الملاكمين الكبار. وجزء من المشكلة هو انني لم اجد فرصة للانفراد به من كثرة زواره في الفندق. كانت كلمات التشجيع تأتيه من كل الجهات، وكان هناك دائما شخص عنده امر مهم وعاجل معه، اضافة الى ان المحادثات الهاتفية تشغل اهتمامه وتركيزه حول اجراء حوار صحافي جاد معه. كان شخصا مختلفا من ذاك الذي رأيته من قبل. وعلى الرغم من كل هذه الظروف والملابسات استطعت ان احصل على اجابات منه على ثلاثة اسئلة فقط. والوقت الوحيد الذي كان مستعدا ان يلقي كل شيء عندما شرح الخطة التي وضعها للايقاع بليستون ونجحت. وافترض كل الناس ان ليستون سيقتله، وهو لعب على هذا الافتراض بتسريب بعض الكلمات الى معسكر ليستون، منها انه خائف الى درجة الموت من ليستون. وبالفعل صدق ليستون ذلك، ونتيجة لذلك تمرن لهذه المباراة بفرضية انهائها في ثلاث جولات.
وأضاف هيلي ان محمد او كاسيوس كما كان اسمه من قبل، اخبرني بفرحة طفل قائلا: هل تتذكر في نهاية الجولة الثالثة عندما هتفت في وجهه بكلمات ثم ذهبت الى ركني؟ فقلت نعم اتذكر، على الرغم من انني لا اتذكر ما قلته له. فقال لي: أتعرف ماذا قلت له؟ لقد قلت له يا مصاص الدماء الآن سأتمكن منك.
ولما كان مع مالكوم اكس في زيارة الامم المتحدة طلب كلاي التقاط صور تذكارية عديدة. وقبل عدة سنوات كان كلامي يباهي ويفاخر باسمه كاسيوس مارسيلوس كلاي. ويتساءل أليس هذا باسم جميل؟ وقال في ذلك الوقت هذا الاسم يجعلك تفكر في الكلوزيوم والمصارعين الرومان. ولكنه اصبح يوقع اسمه كاسيوس * كلاي معتبرا الـ * رمزاً لهويته الافريقية المفقودة. ثم، في ليلة السادس من مارس (آذار) عام 1962 اذاع الراديو من شيكاغو بيانا من اليجا محمد يقول فيه ان اسم كلاي ليس فيه معنى ديني، وآمل ان يقبل مناداته باسم احسن. محمد علي هو الاسم الذي احب ان اطلقه عليه طالما انه يؤمن بالله.
وقال محمد علي: ان تغيير اسمي كان واحداً من اهم الاشياء في حياتي. فقد خلصني من هوية اعطيت لأسرتي من قبل اسياد العبيد. واذا كان هتلر قد غير اسماء الناس الذين قتلهم، وبدلا من قتلهم، جعلهم عبيدا بعد الحرب، فهؤلاء الناس كانوا سيغيرون اسماءهم التي تدل على انهم عبيد، ولن يشتكي واحد على هذا التغيير. فالممثلون والممثلات يغيرون اسماءهم. واذا كنت قد غيرت اسمي من كاسيوس كلاي الى سميث او جونز، لاني اردت اسما يعتقد البيض انه اكثر اميركية، ما كان هناك شخص يحتج على ذلك. فأنا فخور ان اليجا محمد اختار لي اسما جميلا، فمحمد يعني استحقاق الحمد، وعلي احد صحابة الرسول الله صلى الله عليه وسلم وخليفة المسلمين الرابع بعد وفاة الرسول الكريم. وأصبح الآن اسمي محمد علي.
الرفض الإعلامي
والتصق هذا الاسم الجديد في ذاكرة الناس ووعيهم، ولكن وسائل الاعلام الاميركية المختلفة رفضت بالاجماع استخدامه. وفي 20 مارس عام 1962 ذهب محمد علي الى ماديسون سكوير جاردن لمشاهدة مباراة في الملاكمة بين لويس رودريجوز وهولي ميمز. وقد دعي كالعادة الملاكمون المعروفون لتقديمهم من على الحلبة، ولكن هاري ماركسون رئيس قطاع الملاكمة في ماديسون سكوير جاردن اصر على انه لن يسمح بتقديم كلاي بأي اسم سوى الاسم المسجل في رخصته للملاكمة في لجنة الولاية الرياضية وهو كاسيوس كلاي. فهدد محمد علي بمغادرة المدرج اذا استخدم اسمه القديم في تقديمه مع الملاكمين الآخرين على حلبة الملاكمة. وبالفعل نفذ علي تهديده وخرج على صيحات استنكار الجمهور. وهذا يدل على ان وسائل الاعلام الاميركية ليست وحدها ضده في عدم الاعتراف باسمه الجديد محمد علي.
اذ قال محمد علي: ان كل ما اريده هو السلام. اريد السلام لنفسي وأريده للعالم. انني لا اكره احدا، اسود او ابيض. إنني فقط اريد ان اعيش مع ناسي. فهل هذه جريمة؟ وهل ادان لأنني رفضت ان اعرض حياتي للخطر بسبب اين اشرب فنجان القهوة؟ لا اعتقد في فرض الاندماج. ولا اريد ان اذهب الى مكان انا غير راغب فيه. اذا جاء رجل ابيض الى منزلي فمرحبا به. فاذا لا يريدني ان اذهب الى منزله، فلا اريد ان اذهب اليه. فأنا لست مغرما بالناس البيض. فاذا احبوني فأنا احبهم. فأنا احب حياتي. والاندماج خطأ. والرجل الاسود الذي يحاول ان يندمج، فإنه سيضرب ثم يقتل. ولكن الرجل الاسود الذي لا يريد الاندماج، يقال له معلم الكراهية.